خاصة وأن هذه المفاهيم وغيرها من ركائز العقيدة قد اهترأت اهتراءً شديداً في معتقدات غير المسلمين، مما دفع كثيراً من علمائهم إلى إنكارها والسخرية منها، ولكي يقيم ربنا (تبارك وتعالى) الحجة على أهل عصرنا، أبقى لنا في محكم كتابه أكثر من ألف آية كونية صريحة، بالإضافة إلى آيات أخرى تقترب دلالتها من الصراحة، وهذه الآيات القرآنية تحوي من الإشارات الكونية ما لم يكن معروفاً لأحد من الخلق في زمن الوحي، صياغة مجملة معجزة يفهم منها أهل كل عصر معنى من المعاني يتناسب مع ما توفر لهم من علم الكون ومكوناته، وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد، حتى يبقى القرآن الكريم مهيمناً على المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها، تصديقاً لنبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم في وصفه القرآن الكريم بأنه "لا تنتهي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد". والإشارات الكونية حوالي سدس مجموع آيات القرآن الكريم.
وهذه الآيات الكونية لا يمكن فهمها فهماً كاملاً في إطارها اللغوي فقط، على أهمية ذلك وضرورته، ولا يمكن الوصول إلى سبقها بالحقيقة الكونية، وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم، دون توظيف الحقائق العلمية التي توفرت معرفتها لأهل زماننا، لأن في هذه الآيات الكونية من المحتوى العلمي ما لم يقف على دلالته إلا الراسخون في العلم، كلٌّ في حقل تخصصه.
كتاب السماء في القرآن الكريم تأليف زغلول النجار
القرآن الكريم هو في الأصل كتاب هداية في أمر الدين بركائزه الأربع الأساسية: العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والمعاملات، ولكن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سوف يصل في يوم من الأيام إلى زمن كزمننا الراهن يفتح الله سبحانه وتعالى فيه على الإنسان من معرفة بالكون وسننه ما لم يفتح من قبل، فيغتر الإنسان بالعلم ومعطياته وتطبيقاته في مختلف المجالات مما أوصل الإنسان إلى عدد من التقنيات المتقدمة ودفعته إلى نسيان الموت، والحساب، والآخرة، والجنة والنار.