كتاب السيرتان

سليم بركات

الفكر والثقافة العامة

كتاب السيرتان  بقلم سليم بركات..لأنه ليس هناك معنىً واحداً للحياة، وإنما هناك فقط المعنى الذاتي للحياة، فكاتب "السيرتان" وهو الروائي سليم بركات يقدم إلينا وعيه الذاتي المنفتح على طفولته في فضاءات حقيقية عاش فيها، وفرضت عليه نمطاً من الحياة، وأسس من خلالها فضاءات الكتابة فيما بعد ...

يبدأ كاتب السيرتان بتأويل معنى الطفولة والعلاقة بينها وبين الواقع والخيال وفق رؤية فنية فلسفية "لا طفولة إلا في النسيان، المعلن منكَ هو هِبة النسيان، المُستتر منكَ هو هبة النسيان، ما يحدث لكَ في شفق عمرك الأول يحدث هناك، بعيداً عن أملك، وما يحدث لك في غسق عمرك الثاني يحدث هنا، بعيداً عن اليقين..." بهذا التقديم يعبر سليم بركات عن تجربة حياة، وتجربة كتابة وخاصة إذا ما عرفنا أن "السيرتان" يضم بين دفتيه نصين قديمين سبق أن نشرهما المؤلف بين عامي 1980 و 1982، أي في بدايات الرحلة الإبداعية، وهي جمع لكتابين: الأول حمل عنوان "الجندب الحديدي" ، والكتاب الثاني "هاته عالياً، هات النفير على آخره".

وبالعودة إلى السيرتان تبدو للقارىء نشأة للكاتب الممتدة من جسد الجغرافيا الشرقية السورية، حيث ولد، عميقة التفاصيل، لطفولة "الكردي" وقد أقامها بركات على أسلاك نوستالجيا موجعة، محاطة بالأسلاك الشائكة، التي وضعها الكبار في محاولة للإنفلات منها، ولكن عبر الكتابة ...

وهكذا، يسرد صاحب السيرتان حكاياته، في بوح شفيف، ووقائع تتدافع وأحداث تستمر، وأبطال بلا نهاية، فماذا بعد يتساءل "ماذا يخرج من جرابه "الكردي" الشمالي، ويرهقه أمام أنظار الجندب الحديدي؟ عمّ يتحدث؟ أعن الكلبة نوسي أم عن العصفور ذي الساق الواحدة ... أو عن سطيفو العابر للطريق عارياً أو عن جسونو الذي اغتصبه العتالون؟ ... عن الكلاب ذات الرؤوس الآدمية؟ عن بروق الشمال؟". بهذا الأسلوب الإنتقادي الساخر، يرصد المؤلف أنماط الحياة الآدمية، في شماله، وقد جعل من أسلوبه المنطلِق الأساسي لتشكيل جنس كتابي خاص، يفرض تحديد هوية الذات من خلال الكتابة، كتابة لا تشبه إلا مبدعها، الذي تميز بها وسوف يستمر، يمكن أن تشكل أنموذجاً يحتذي بها كتّاب آخرون.

شارك الكتاب مع اصدقائك