على خطى رجالات التصوف وأشدهم تطرفاً في التوحد بالله، والغزل الإلهي، والهرطقة، بل الزندقة، يأخذنا «مولانا» جلال الدين الرومي في رحلة لن نعود منها كما كنّا قبلها؛ رحلة سوف تجتث الكثير من الأفكار والمعتقدات التقليدية
في الأديان عموماً، وفي دين الإسلام خصوصاً، لأنها ـ أي الرحلة ـ تخوض في تجربة ترى إلى العشق بوصفه الأعمق والأقدم من الأديان في تاريخ البشرية، فالعشق هو الوحيد الذي يجمع بين بني البشر منذ بدايات نشوء الوعي، فيما الأديان حديثة العهد نسبياً. قصائد هذا الديوان، تبرز معالمُ العلاقة ما بين «مَولانا» وبين «القُطب»، شمس الدين التبريزيّ، بوصف هذا الأخير هو «الطريقُ»، إلى الله، فنعيش علاقةَ العِشق الرُّوحانيّ في أسمى صورها. علاقة يرسم الرومي ملامحَها بلُغةٍ شَفّافة، ورموز وعَلاماتٍ من عالَمه الثريّ المُحتشد بالحُبّ، تقع في منطقة من الغموض تتطلّبُ فكَ «شيفراتها»، لتذوّقها والاستمتاع بطَلاوة معانيها وعُذوبتها. وقد عملتُ مع المُترجِمة والباحثة والأكاديميّة القديرة، الدكتورة لَمى عِصام سَخنيني، طوالَ شُهور، وبحُبٍّ واجتهادٍ، في التمحيص والبحث عن اللغة الشِعريّة، المفردات والعِبارات والأبيات، للوصول إلى ما يليق بهذا العمل، شديدِ الصعوبة والغِنى، فكانت هذه القصائدُ على هذا النحو من «الصياغة» و»الصِناعة» الشِعريّة.