فشتان بين ما نحن فيه من علوم موزعة بين اختصاصات المواضيع و المناهج و المناحي ، و بين ما فهمه السابقون الأولون من علماء العرب و المسلمين. إذ جعلوا من العلم حكمة و معاني تنتقي منها الجوهر انتقاء فيصبح العالم هو هذا السعيد الفطن إلى خير ما سمع ، و الحافظ أحسن ما كتب.
ولكن كيف السبيل إلى تمييز خير ما سمه ، و أحسن ما كتب ، وأشرف ما يؤثر ؟ و ما معنى السماع والكتابة والأثر؟ فلئن أردنا إظهار الفارق بين الفكر العربي الكلاسيكي من جهة، والاهتمامات الحالية من جهة أخرى، لظهر ذلك في الشك بقدرات التمييز الموروثة ، وثقتها بسهولة العملية التي تحكم العقل كفصيل عادل قاطع ظاهر يكفي لتأسيس الرأي ووضع منهاج لا يضل من تمسك به عن سواء السبيل . لذلك أرى أن أول باب يولج إلى المغامرة الفكرية الدريدية هي التحقق من هذا التساؤل وتبيان السبل التي تؤدي إليه من وجهة نظري. الأولى تبين كيف تنتهي إلى ما تبناه دريدة من الاستنطاق الأنطولوجي الهايدغري. والثانية تخترق سؤاله عما انتهت إليه التجارب الفلسفية الحديثة في أسمى عبارتها .والثالثة تهتم بما يربط فكر دريدا بتدخلاته في القضايا العصرية من وجهة الفكر التي يحاول إظهارها.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.