كتاب المنعطف

تأليف : أحمد عودة

النوعية : مجموعة قصص

كتاب المنعطف تأليف أحمد عودة .. مجموعةُ المنعطف القصصية للأديب الراحل أحمد عودة؛ قائمة على الشخصية التي تتغيرُ زاويةُ رؤية القارئ لمكانها من قصة لأخرى، ولا تتغير أبعادُها الأساسية إلا نادرًا؛ إذ تدور الشخصيةُ الرئيسة في ساقية الفقر كحالةٍ يُقدّمُها الكاتبُ في أرض مقفرةٍ ذاكرًا معاناتِها وتخبّطاتِها وواقعَها المرير وصراعاتها الداخلية؛ وما قد ينتجُ عن الفقر أو الظلم الذي قد يتعرضُ له الإنسان في مجتمعاتٍ قائمةٍ على الطبقيّة؛ وانعدام الحريّات كنتيجةٍ حتميةٍ لتلك الظواهر. المشهدُ الحسيُّ المُركّب القائم بشكلٍ أساسيٍّ على الأفعال المضارعة والماضية الذي فصَلَه الأديبُ بالفواصل أو النقاط؛ عبر جملٍ متتاليةٍ سريعةٍ كثيرةٍ بدا أسلوبًا تقصّدَه الكاتب في اختصارِ المشهدِ الكلّي؛ مُساعدًا ذلك إيّاه على الانغراق في أحاديث النفس ونقلِ الكلام من الأنَا إلى الخارج والعكس، والاعتماد الكلّي على أسلوبِ الالتفاتِ البلاغي لتسليط الضوء على الشخصيّة الرئيسةِ بكافّة جوانبها.  غير أنه وهربًا من طرحِ الحلولِ والمثاليات في مساراتٍ دراميّة طَحَنت أبطالَ قصصه؛ فقد جنحَ إلى بتر الحدث وحركةَ الشخوص في مناطق ما قبل النهاية في بعض القصص؛ بعد منحهِ نهاياتٍ مفتوحة لقسمٍ منها، والتزامِه بالخاتمة المنطقية للصراع الداخلي للشخصية أو أحداثِها في قسمٍ آخر. والحقيقة إن القصة الواحدة في هذه المجموعة اعتَمَدت على الحدث والحوار والسرد بأبعادٍ فلسفية؛ أكثر من الصورة الشمولية للقصة ككل؛ لأنَّ الشخصية _كما أشرتُ سابقًا_ ستنتقل معك بكينونتها للقصةِ التالية وما يليها بغيةَ استكمالِ دورها وخطّها الدرامي، مع تغيير طفيف فقط يتعلقُ بملامحها الثانوية والمكان الذي ستتواجدُ فيه؛ فلو حملَ القارئُ بطلَ قصةٍ في هذه المجموعةِ إلى قصّةٍ أخرى بأوجاعهِ ومعاناتهِ ونتاجِ آلامِه؛ لما شعرَ بتناقضِ سيكولوجية نفسهِ وطباعِه رغم اختلاف الدور المناط به في القصة الأخرى.  ولعلَّ هذا الترابطَ  كان المدخل أو المُمهّدَ الإبداعي إلى أسلوبٍ انتهجَه الأديب في "المتتاليات القصصية"؛ الذي ظهرَ جليًّا في المجموعة القصصية الواحدة بشكل أوضحٍ وأكثر عمقًا فيما بعد من أعمال. لذا... وخدمة لهذا الترابط فإننا لن نجدَ اسمًا واحدًا أو لقبًا ألصقَهُ الكاتبُ بأبطالهِ الرجال؛ الذين لعبوا دور البطولة المُطلقة في جميع القصص باستثناء الحاجة «نزهة» في واحدة منها؛ بينما منحَ المرأةَ ذلك إشارةً منه ببراعة إلى أن الحزنَ أُحاديَ الاسم بينما يحملُ الأملُ المتمثل هنا بالمرأة أسماءً كثيرة؛ غيرَ أنَّه تداركَ الأمرَ إذ أوردَ اسم «شهوان» الغنيّ في إحدى القصص؛ دلالةً على شخصيّة السيد الموازية أو الضدّ لشخصية البطل المُتنقّل من خلال عدّة أدوار في مجموعته؛ معزّزًا بذلك فلسفتَه الأدبيّة التي تقضي أيضًا بأن للظلمِ وجهًا واحدًا أو مسمّى واحدًا في الأغلب. ولعلَّ إيمانه بالطرحِ هذا دفعه إلى حملِ «شهوانَه» بمسمّاه وصفاتِه فيما بعد إلى مجموعته القصصية الثانية «جمجوم» كلَّما تطرَّق إلى المفارقات الطبقيّة في الحياة. وعطفًا على ما سبَق فقد يتعجّب القارئ من استشراف الأديب لحالةٍ نعتاشُها الآن في زمن الكوفيد- 19، وقد لا يُصدّق أن قصةَ «شر البلية» كُتِبَت قبل أربعين عامًا على الأقل من الآن، إذ تناولَ فيها تناقضَ الأنظمة بقوانين الحجر والبلاغات، وتخبّطها بتطبيقِ النظام الذي يتكسّرُ حيثما فُرض، ثم انتقاله في قصة «الرأي السديد» التي تليها مباشرةً للحديث عن سبلِ الوقايةِ وأساليب الحجر الصحي والقفازات والكمامات والعدوى من خلال الأنفاس ضمن فانتازيا سوداء _إن صحَّ الوصفُ_ تتمنى أن تظلَّ حبرًا على الورق ومحضَ خيال؛ لا مشهدًا ملموسًا في الواقع.  

شارك الكتاب مع اصدقائك