كتاب جمجوم بقلم أحمد عودة..هي متتالياتُ أحداثٍ درامية متصلة ببعضها البعض في قصص قصيرة متتابعة؛ عبر جيلين متشابهين لا يخلو كلٌّ جيل منهما مِن الصراعات الطبقية والاجتماعية، والمكائد والدسائس التي يغلب عليها طابع الكوميديا السوداء أحيانا، والحزن أحيانا أخرى. يتنقل الكاتب مِن أسلوب المباشرة إلى الالتفات ثم يعودُ للسردِ على لسان الراوي؛ الذي ينصهرُ في كثير من الأحيان مع الشخصية، في جملٍ متتاليةٍ سريعة واقتباسات داخلية كجمل معترضةٍ في السياق، وهذ نمط حداثي في الكتابة يساعد القارئ على تفتيت الحدث صوريًّا من عدة رؤى بصرية متخيَّلة للحدث أو الشخصية ضمن حالتها النفسية، سيما حين يستخدم النص والنص الموازي له في القصة الواحدة دون أن يستطرد كثيرًا في النص الموازي. أهمُّ ما يميز هذه المجموعة هو عنصر التشويق الغريب الذي يشدُّ عزيمتك لتتابعَ الركض وراء الحدث من قصةٍ لأخرى، ناهيك عن كيمياء التفاعل التي تنشأ بين مجريات الأحداث والتوقعات الذاتية، وعلى الرغم أن القصص تتحدث عن حقبة زمنية قديمة نوعا ما حيث المختار والقرية والدواب والكلاب والذئاب والضباع وبعض الأساطير إلا أن الإسقاطات الواقعية بكاملها مُستقبليَّة الطرح والمغزى، حيث يذكي الكاتب برشاقة قلمه الآتي عبر الصراعات الطبقية والفقر والحاجة والحرمان، لا سيما في القسم الثاني من مجموعته، حتى يكاد يكون قد أحاط بجميع حالات الفقر وشرَّحها نفسيًّا واجتماعيًّا دون أن يغفل عن محور الفكرة العامة، ولأن أبطال مجموعته غير نمطيين وصادقين مع ذواتهم بشكل غريب عبر انتمائهم لحياتهم والأرض والبيت والقرية التي يتسم سكانها بالسوداوية في أغلب الأحيان، فقد جاءت أحاديث النفس مرآة لما قد يشعر به القارئ في صراعاته الذاتية الداخلية، ولهذا فقد يُحسب للكاتب قدرته على محاكاة المُتلقي عبر الشخصيات الرئيسية في المجموعة. تحتوي المجموعة على إحدى وعشرين قصة قصيرة موزعة على قسمين:  القسم الأول تحت عنوان التعمري يحمل القصص التالية: جلد الأفعى، رحلة اليأس، كلب الشيخ، لعبة القط، قليل من الغضب، خطوة إلى الخلاص، ساعة الفصل، البكاء على جثة الغد، أشياء غير الحزن، اليوم خمر وغدا خمر، للأمل أيضا بقية. القسم الثاني تحت عنوان جمجوم يحمل القصص التالية: للأمل أيضا بقية، جمجوم يأكل الخبز طريا، جمجموم يقول: لا، في العراء يولد الصغار، العراء، صهيل الغضب، الضربة الأولى، الدليل، البرغوث، ليس أوان الحزن، جمجوم لا يحني رأسه.