كتاب الولادة والموت بقلم أحمد عودة .. إن كانت هناك مجموعةٌ قصصيّة تصلحُ أن يُقالَ عن بعضِ قصصها بأن سطورَها ترابُ مخيم «عين السلطان الريحاوي»، وحروفَها حصاه؛ وحَركاتِها بحرُ يافا ونسيمه فهذه المجموعة بلا شك. إنكَ أمام قصص مُتحدّرة الحنين من كلِّ سطر وحرف ووصف فيها، وحيث إن الحزنَ فيها يقابله الأمل، والوجعَ يقابلُه الحلم فمن الطبيعي أن تكونَ أحداثُ الحبِّ والموت والندم ملاحمَ مسرحيةٍ تُعرض في أجواء المخيم والغربة؛ والدروبِ التي سلكَها النازحون فيما بينهما. وقد تكاد تلمسُ بُحَّة النازح، أو تشعر بدمعةٍ حرّى سفكتها عين مشتاقة إلى الأرض على يديك، ولربما نفَرت الأوراق بدم الشهداء فلطّخت ثيابَك لتنصهرَ روحُك مع مجريات أحداث هذه القصص؛ التي تمثل جانبًا هامًّا من تاريخ الصراع بين صاحب الأرض ومُغتصِبها... بين صاحب الأرض الذي هُجِّر يومًا من أرضهِ في مدن الساحل وسكن المخيم؛ وبين مَن لاحقه بعدها ليطردَه من مخيم كان أقرب إلى مدنِ الساحل من الغربة. - قتلوا سرحان... قتلوه. وإذ تردُ هذه الجملة في إحدى القصص إلّا أنها ستكررُ نفسها يومًا بعد عامٍ واحد حيث يفتتحُ بها الأديب روايته «ساعات الصفر» دون زيادة أو نقصان. وكأن تلك الرواية امتدادٌ لأحداث لم تقل هنا بعد. ولأن هذه القصص تعتبر تاريخا حيًّا من الأديب كشاهدِ عيان على نكبة النزوح والتهجير؛ فقد وصفَ بعضَ المظاهر والتراثيات التي عاصرها شابًّا في المخيم، وإن كانت الصدارة فيها للإنسان وعلاقته مع وطنه؛ أكثر من علاقة الإنسان مع نفسه. حيث ارتكزت الفكرة العامة على أن القيمةَ الحقيقة له تكمن في تواجده في المساحة التي شغلها وأجداده من قديم الأزل. وبالحديث عن فلسفة الموت التي رافقت جميع الأبطال في المجموعة، فقد بدت ولادةً عبر الرجوع أو الاستشهاد في موطنها، فكانت الغربة موتًا بينما كان البقاء أو الرجوع ولادة.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.