"في إحدى لياليها السبع قالت رامة لجيندار؛ سبع ليالٍ من القهر تكفيه بدرا لا عشرة.. يا جيندار جيم الجمال هي جيم الوجود. الحرف يمشي في الحرف. يا جيندار، اسمك في سبعة أحرف لا ستة. فبين الجيم والراء مسافة حرف تائه. هل تعرفه؟ دعك من العدد وقِس المدد. يا جيندار.. لن تقول لفتاة منبهراً؛ الله ، كم من الكحل في عيونك! قل لها؛ الله، كم من العيون في كحلك!. هذه كانت كلمة الكحّال حين رأى جلنار أول مرة بكحلها لتصب من سرّ عيونها كل سرّ قلبه. يا جيندار، حين ظهر في سوق ورّاقي البصرة كتاب رسائل اخوان الصفا على حين غرة من المجهول
، بعد أن انتبه لها ورّاق فقير في دكانه دون معرفة من وضعها فيه، طُورِدَ الكثيرون من قبل الوالي بعد أن نسخها ذاك الوراق وباعها لأجل لقمته لا لأجل أمته.. لم يكن يصيح من على باب دكانه من يشتري الكتب.. كان يصيح متهكّماً؛ من يشتري الزور. سُجِنَ الكحال حينها وكان لم يحمل لقبه هذا بعد، متهماً إياه والي البصرة أنه من تلك الجماعة السرية الجديدة. جماعة قد تقلب كل شيء، ولكن المسلمين لا يقلبهم شيء. لا فيلسوف ولا حروف. كان بين الوالي والكحال ثأر قديم، لأنه لم يقبل يوماً أن يكتب له تاريخاً يمجّد فيه سيف أجداده، ففرح أن يجده اليوم متّهماً بكتابة إحدى رسائل أخوان الصفا التي لا يعرف ليوم الناس هذا من الذين كتبوها، تماماً كما لا يعرفون من كتب ألف ليلة وليلة.. أليس غريباً؟! ما بال العرب، لا يعرفون حتى لياليهم؟!
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.