وكانت الحملات الصليبية تنظر لبلاد الشرق الأدنى، بما فيها مصر، نظرتها إلى بلاد نائية لا تمت لهم بصلة، وأن ذكرها في الكتاب المقدس قد مضى زمانه، وظل رمسيس الثاني في زوايا النسيان. وفي القرن التاسع عشر وعندما غزا نابليون مصر أخذ فريق العلماء الذين اصطحبهم معه في البحث والاستكشاف والمسح، أخذ هؤلاء العلماء بتسجيل الآثار المصرية بأسلوب فني هو أحسن ما أنجز في ذلك العصر، ثم تمّ اكتشاف حجر رشيد، وهو مرسوم ملكي كتبه بطليموس الخامس بثلاثة خطوط، فأسهم ذلك في الإسراع بفك شفرة الرسوم الهروغليفية، التي كان روادها أكربلاد ويونج، وأنهاها ببراعة وألمعية العالم شمبليون بدءاً من سنة 1822. وأخيراً أخذ علماء مثل روسيليني ولبسيوس وأمثالهما في تطبيق نتائج دراسة شمبليون على النقوش المصرية القديمة، فتمكنوا بذلك من تغطية حقبة من تاريخ مصر القديم تقدّر بثلاثة آلاف سنة. ومنذ ذلك الوقت بدأ ذلك التاريخ الرائع بالبروز من زوايا النسيان، وليطفو إلى عالم الوجود فيقرأه الجميع، ليدركوا عظم الحضارة المصرية.
وقد كان لرمسيس الثاني نصيب كبير في هذه الاكتشافات، حيث تمكن بلزوني في العام 1817 من دخول معبد رمسيس الثاني الكبير بأبي سمبل منذ 11 قرناً، وكان بورخارت قد اكتشفه قبل ذلك باربع سنوات 1813 غارقاً في الرمال لا يكاد يبدو للعيان؛ كأنما قد تاه في الدنيا الواسعة منذ أواخر العصور القديمة. وقد كانت لزيارة بلزوني أهمية خاصة، حيث تمّ اكتشاف أن أسماء رمسيس الثاني ومعبده بأبي سمبل كانتا حلقتين من حلقات السلسلة التي أدت إلى معرفة الأبجدية الهيروغليفية، ومهدت لظهور علم المصريات والكشف عن كثير من أحوال مصر القديمة، وعن أن حضارتها قائمة بذاتها لها طابعها ومقوماتها ومميزاتها، وبأن أحد عناصرها وأعلامها هذا الفرعون صاحب الآثار، باني المعابد الضخمة ذات الأبهاء المعمدة المكتظة، وصاحب النقوش التي ملأت جدرانها بالصور والكتابة تحدث بالانتصارات في آسيا وأفريقيا، وتصور الأسرى مسلسلين في الأصفاد ينحنون أمام مجد مصر، والفرعون أيضاً مصور بشكل خارق هرقلي المظهر، بطولي السمات يقدم لآمون القرابين بصفته إله طيبة الظافر. وقد ألهمت شخصية رمسيس الثاني خيال الكتاب والشعراء. من وحي هذه الشخصية الأسطورية تأتي في هذا الكتاب التفاصيل التاريخية لأحداث وقعت في زمانه، وهي تصور الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمصر وتعطي صورة واضحة عن الحضارة الفرعونية الرائعة.
كتاب رمسيس الثاني فرعون المجد والانتصار - كنت أ . كتشن
كتاب رمسيس الثاني فرعون المجد والانتصار بقلم كنت أ . كتشن..
ظلّ حطام الحضارة المصرية القديمة مدفوناً في الرمال لعدّة قرون. ومرّت بعده حضارتان كاملتان. وحتى العصر الإسلامي الوسيط، على عظمته، لم يجد في مخلفات الفراعنة شيئاً نافعاً سوى الحجارة التي تنفع في البناء، ولم يكن هناك اتجاه أو اهتمام لدراستها.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.