كتاب علمني العيال بقلم شريف أبوفرحة ...كن كبيرًا.."تصرف مثل الرجال".."صرت الآن رجلًا كبيرًا"..كم تناثرت تلك الجمل على أذني بصوت كرنين الذهب، وكنت في كل مرة أسمع فيها هذه العبارات أشعر أني ألامس السحاب، فأرى ما لا يرى الآخرون، وأسمع ما لا يسمعون..وفجأة فقدت تلك الجمل بريقها، وذابت حلاوة حروفها تحت حرارة الحياة
المتلاحقة، فما عدت أدري هل أنا سعيد لكوني كبيرًا؟!! أم هزمتني همومي وجرحت كبريائي الكبير؟!!لماذا أصير كبيرًا؟وقد علمني العيال كل شيء جميل..علمني العيال براءتهم، فما أجمل أن أكون بريئًا فلا أذكر إساءة لأحد..علمني العيال إصرارهم، فعرفت معنى أن أكون مصرًا على تحقيق نجاحي ومجدي..علمني العيال بكاءهم وتوسلاتهم حين يطلبون شيئًا، فعرفت كيف يمكن أن أكون مع الله في تضرعي ودعائي..علمني العيال أحلامهم الواسعة وخيالاتهم الجامحة، فعرفت كيف أصنع عالمي الواسع الممتد في خيالي وأنقله إلى أرض الواقع..علمني العيال صدقهم في حبهم ومشاعرهم، فعرفت كيف أحب الحياة والناس والكائنات جميعًا..علمني العيال وضوحهم وصراحتهم، فعرفت كيف يمكن أن أكون صريحًا ولا أخاف من تهمة الوقاحة..رأيت كيف يمكن أن أعيش حياتي بطريقة الصغار لأحقق فيها إنجازات الكبار..وهنا توقفت لحظات، وقلت لنفسي:لا.. لن أكون كبيرًا مرة أخرى..سأصرخ بكل ما أوتيت من قوة، لأقول:لقد علمني العيال.