ما من شك في أن أحد آخر العهود التقدمية في التفكير البورجوازي وإحدى آخر ثرواته الفكرية جرت في ألمانيا في عصر غوته، الشاعر والعالم والمفكر الألماني العظيم.. وليس من قبيل الصدفة أن هذا التطور قد تكلل باكتشاف الطريقة الفلسفية الأكثر تقدماً، ألا وهي المادية والجدلية. فما هو
دور غوته في الارتقاء بهذه الطريقة إلى أعلى مستوى ممكن لها ضمن حدود التفكير البورجوازي؟ وأي إسهام أدلى به غوته في طرح مسألة الشخصية الإنسانية وتكريسه كل طاقاته ومواهبه لتذليل العقبات الاجتماعية التي تعترض طريق تطورها اللامحدود؟ هذا ما يتصدى للإجابة عنه المفكر المجري القديم جورج لوكاش، وذلك من خلال تتبع تطور شخصية غوته وفكره من مرحلة الشباب إلى مرحلة النضوج، من رجعيته وفلسفته اللاعقلانية إلى واقعيته وثوريته التنويرية. لوكاش في هذا الكتاب يضع سيرة جديدة لغوية بأسلوب ملحمي تميز به على الدوام، وهو هنا يتحرك على رقعة واسعة من الأحداث التاريخية الكبرى وتتداخل في سياق ذلك أسماء شهيرة من أمثال: هيغل، سيلر، لسينغ، هردر، شوبنهاور، نيتشه..الخ.