هذا الأفق في اهتمامهم على نحو خاص بـ: أ-واقعيةً السيرة الشعبية، أي بمدى مطابقتها للواقع التي تسجلها في الزمن الذي ظهرت فيه ب-"تاريخية" السيرة الشعبية، وذلك بالنظر إلى كونها استجابة لشروط تاريخية محددة. ولا شك في أن للسير الشعبية أبعاداً واقعية وسياقاً تاريخياً محددين. لكن التركيز عليها وحدهما، علاوة على كونه يجعل الدارسين يختزلون السيرة الشعبية في مطابقة بسيطة للواقع وللتاريخ، من خلال الذهاب إلى أنها جاءت "للتعبير" عن.."، أو "تدل على.."، هذا الاختزال علاوة على ذلك يحرف الأبصار عن أبعادها التعبيرية والشكلية وطرائفها السردية. ومن جهة ثانية يجعل البحث في مادتها الحكائية قاصراً عن الإمساك بمختلف تجلياتها البنيوية، وأبعادها المختلفة والمتعددة. لهذه الاعتبارات يأتي هذه الدراسة في محاولة لتقديم ملامسة أوسع لمختلف مظاهر القصة أو المادة الحكائية لإجلاء مجمل خصائصها ومميزاتها الفنية والجمالية من جهة وأبعادها الدلالية من جهة أخرى كما تتقدم للقارىء من خلال نص له تمثيليته الحكائية على صعيد السرد العربي برمته. وبذلك يكون الباحث بدراسته هذه للبنيان الحكائية في السيرة الشعبية سعى إلى تحقيق منها يتبين مركزين:1-تطوير التصور السردي الذي يسعى لإقامته، وبلورته، بالانطلاق من السرد العربي،2-فتح مجال للبحث في فكر العربي الأدبي، بالذهاب إلى بعض جوانب السرد العربي القديم الذي ظل مهمشاً ومغيباً من دائرة الاهتمام. واستلزم البحث في السيرة الشعبية في هذا الكتاب، وفق التصور الذي يسعى الباحث إلى بلورته، الانكباب على أنواع سردية عربية أخرى، والكشف عن مختلف جوانبها وخصائصها، للتمكن من تدقيق وعينا بالسرد العربي في مختلف صوره وتجلياته.
كتاب قال الراوي - البنيات الحكائية في السيرة الشعبية تأليف سعيد يقطين
كتاب قال الراوي - البنيات الحكائية في السيرة الشعبية بقلم سعيد يقطين ....يمكن اختزال مختلف ما تتشكل منه البنيات الحكائية في مفهوم واحد هو "الحكائية" ويقصد بها مجموع الخصائص التي تلحق أي عمل حكائي بجنس محدد وهو السرد. هذا وأن كل الذين اشتغلوا بالسيرة الشعبية من الدارسين العرب أو الأجانب اهتموا بشكل أساسي بـ"مادة" السيرة الحكائية، قلما التفتوا إلى جانبها الشغلي المتمثل في الطريقة التي صيغت بها هذه السير الشعبية غير أنهم في دراستهم لـ"المادة" لم يكونوا يتجاوزون الأفق التقليدي في معالجتها. يبرز