كتاب لماذا لا تزرع شجرة بقلم أحمد شافعي.. " يجدُ كامل المُترجم موظّف الحكومة نفسه مُختطفًا وأسيرًا بلا جناية ولا جريرة معروفة سوى أنّه لم يزرع شجرةً في حياته قطّ. أربعون عامًا قضاها عبدًا لكلّ التفاصيل، لم يجد خلالها شِبرًا من الزمن والمساحة ليغرسَ تلك الفسيلة.
يتحول اختطافه الغامض وخاطفه الأكثر غموضًا إلى تمثيل كلّي لفكرة الاستعباد. امتهان الكينونة واختزالها في حاجاتها الأولية. وتتداعى في محبسة تفاصيل حياته الخانعة كرجل متوسّط يكرر سيرة أبيه، ويكرران معًا سيرة سلالة ترزح في القيود ذاتها ربما من آلاف السنين، وحيث لا سبيل إلى الفكاك إلا بالشرود عن صوت العقل لثوان في خضم الحياة اليومية. ثوان يعود بعدها صوت العقل يؤبد تلك الأغلال ويبررها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
لايبتعد الشاعر والمترجم أحمد شافعي كثيرًا عن عالم القصيدة في عمله السردي الجديد، وكما سبق أن فعل في روايته السابقة "" الخالق"" ،يخلق حالة قصصية أقرب لروح الشعر كاستعارة ومجاز أكبر، وإن كان قد توسل إليها بمفردات السرد القصصي واتكأ علي الواقعي والحياتي، إلا أن العمل نفسه لم يخلٌ من حالة شعرية سواء في اللغة أو البناء الفني.
"" لماذا لاتزرع شجرة"" قصة مثيرة للتأمل ، تتسم بالتكثيف والإيجاز رغم ماتحويه من أفكار،إيقاع حاد ومنتظم يسيطر علي العمل ، دون ترهل أوتشوش؛ جاعلا من صوت "" كامل"" الراوي، المترجم المختطف،سؤالا وجوابا في الوقت نفسه لكل من لم يتوقفوا ولولمرة واحدة في حياتهم ويسألوا أنفسهم: لماذا لم نزرع شجرة