كتاب مسألة الدين بقلم كارل ماركس..يعد هذا الكتاب في اعتقادي من الكتب المهمة, التي تصدر في وقتنا هذا لأسباب عديدة في المقام الأول, لأن البحث يعيد اختبار ما شاع في الفكر العربي بوجه خاص -الفكر بمعني المدون أو المكتوب منه أو بمعني الخطابي-حول حقيقة موقف ماركس النقدي من الدين, و كذلك الأمر بشأن المقولات و التصورات, التي ترددت في كل مكان و شاعت إلي يومنا هذا عن طبيعة نقده للدين و إلحاده المادي.
المناقشات التي ينطوي عليها هذا الكتاب, هي علي مستوي عال جداً من التخصص و الدقة, تتصل بتاريخ المعرفة و الإبستمولوجية, و بتاريخ الفكر الديني و اللاهوت و علم الدين المقارن, و أيضاً تتعلق بقضايا الصراع بين الفكر السياسي و السكولائي مع الفكر التنويري و العلماني.
كل ذلك يمنح هذا السياق الغني جداً من البحث, و الغائب إلي حد كبير في حقل ثقافتنا العربية حينما نتناول بالمناقشة و البحث, مسألة الماركسية و الدين بصفة عامة, قيمة عالية و عمقاً.
ننعلي هذا النحو يتصدي البحث بالمناقشة لجميع تلك القضايا الهامة و المسائل و يثيرها مجدداً بجرأة و شجاعة.
لقد عانيت من قراءة هذا الكتاب, و أنا أدعو القاريءأن يكون صبوراً مثلي و يعاني, لأنه يستحق كل ذلك. لكن بالمقابل تتولد عن هذه المعاناة متعة بقراءة كتاب كهذا لا يكتفي بإضافة معرفة إلي معارفك, و إنما يثير في ذهنك أسئلة قلقة لا يطرح عنها إجابات ناجزة أو يصادر عليها, و هذه فضيلة أخري للكتاب.
إنه كتاب جدير بمناقشة و اسعة لكل قضاياه, و يليق به أن تكون تلك المناقشات جادة و عميقة و هذا ما أترقبه مستقبلاً.