إن توفير هذه النصوص تطلّب منّا أيضا العمل داخلها. وإننا نأسف شديد الأسف على غير توفّر الثقافة العربية على نصوص ذاتية نسائية قديمة تعود بذاكرتنا وذوقنا الأدبي إلى القرون البعيدة. وبذلك ستكون مناسبة أدبية لتذوق ميراث الماضي والحاضر.
لكن هذه "الذخيرة الحديثة" تقوم بتعويض هذه الخسارة الفادحة بتقديم هذا التفوق الكاسح للملفوظ الذاتي النسائي في الثقافة العربية الحديثة. كما أنها بديل للهيمنة النسبية للاهتمام المبالغ فيه بالملفوظ الذاتي الذكوري. وسعي إلى إيجاد موقع داخل الأدبية العامة. ولا يتطلب ذلك منا استهلاك مزيد من الوقت والكلمات للتأكيد على أن الأدبية هي مسألة وعي الأدباء والنقاد والقراء بالمصطلح. وسيكون لذلك الوعي نتيجتين حاسمتين تعملان بقوة داخل عقول القرّاء: إما تأسيس لهذا النص الذاتي النسائي الناشئ، لكن الناضج، وإما تخريب منجزه. وأقول "نصا ذاتيا نسائيا ناضجا" لأن جل كاتباته روائيات وأديبات بارعات اكتسبن خبرة شعرية وسردية مع نصوص سابقة عن النص الذاتي في حقول الشعر والرواية والفكر. لقد حان الوقت لمحاولة فهم النص الذاتي النسائي. وتتمتع محاولة الفهم هذه بحيوية خاصة لأن مستقبل هذا النص تسيطر عليه نزعة الانتماء الجنسي أولا، ولأن الحياة والأدب (والفن) لم يفترقا بعد داخل كينونة المرأة. فداخل هذا النص يجتمع أفض ما في الشخصية النسائية بهالتها الشعورية، وذلك ما يمكن أن يتضمنه مصطلح "النسائية". ولا يحتوي هذا الحكم على تقرير حقيقة بل على إستراتيجية أدبية ينتظرها الكثير من العمل والنجاح والشهرة. نعم الشهرة، فماذا يساوي الأدب بدونها.