رواية الطريق الى شاريتيه بقلم فراس عبد الحسين .. حان وقت النهوض فالساعة تشير الى التاسعة صباحاً ولم يتبقى سوى ثلاث ساعات للوصول بحسب الموعد لان رسول دقيق بمواعيده دائماً، ارتديت بنطال الجينز وبلوزتي المارونية الخفيفة، فتحت الكتاب القديم الصغير ذو الأوراق الصفر العتيقة قرات بعض كلماته قبل ان اضعه في جيبي مع الرسالة الواردة بالبريد الالكتروني، رتبت الوشاح الأزرق على رقبتي امام المرآة وتوضحت ملامح وجهي أصبحت اكبر من عمري بكثير وجدته قد تغضن وبرزت الأنهار الصغيرة والكبيرة فيه، كأن شمس عمري قد اشرقت للتو فوق ليل شعري الحالك وغيرته للرمادي وبانت عليه تجاعيد الزمن وتأثير ذلك المرض اللعين الذي اصابني في هذا الوقت الذي كنت أتوقع بأن الحياة قد ابتسمت لي اخيراً وسوف اتمكن من تعوض كل سنوات العذاب والشقاء التي واجهتها، لكن هيهات عليّ مواصلة الحرب والانتصار في المعركة الأخيرة، ارتديت حذائي الرياضي على عجل خرجت وأغلقت باب الشقة بهدوء. شمس ساطعه هذا اليوم على غير العادة، نسمة هواء عليل نقية داعبت مسامات وجهي اشعرتني ببرودة خفيفة نشطت دورة جسدي الدموية، امرأة عجوز تمشي على مهل ويدها التي تمسك بحبل الكلب النشيط ممدودة للأمام يسحبها بقوة، طفلة بجانب أمها تسحب حبل قطتها التي تبدو مسنة تمشي خلفها على مهل. مركبات مختلفة الأنواع والألوان تمر مسرعة، الجميع يمشون على عجل ويحاولون الركض للوصول بأقرب وقت كأنهم روبوتات صنعت لتؤدي واجبها بالعمل، فكل تأخير قد يؤدي الى خصم مبلغ من المال يؤثر على دخله ويمنعه من سداد مبالغ فواتيره، لم يعد يشعر احدنا بالأخر، الوقت الذي يحاول الانسان استغلاله لأخر ثانية فقدنا معه شعور الترابط ولم نعد كائنات اجتماعية مثل السابق، كأنه سيف كبير بطول كرتنا الأرضية يدور باتجاه عقارب الساعة والجميع يركض امامه بكل ما يمتلكون من قوة للخلاص منه، ذلك النظام الغريب الذي فرض سطوته على الجميع وتمكن من اخضاعهم لقوانينه، جعلهم وسط دوامة تبدأ من بدايات الصباح ولا تنتهي بحلول المساء.