رواية خيال اسود

أدهم عادل

روايات

أتمنى أن يكون العالم القادم بلا جدران ، مراتع خضراء فقط ، أم ، الجدران! كم أكرهها! كم كتبنا عليها من أحلام وجدناها بعدها في السجون والمقابر ، والوداع يا أحبتي الوداع ، هذا الغول الذي التهم أحبتنا دفعة واحدة كانهم عنقود عنب مفروط على راحة اليد ، عالمنا الجديد

 ، أريده بلا وداع ، بلا مناديل تلوح من وراء الشبابيك للراحلين إلى التراب ، بلا وجوه تخرج من عيونها الدموع كجنود الخنادق الحربية . والماضي ، يا إلهي الماضي ، الحزن المقدس المبجل المر . هل أنتم مثلي يا أحبتي ما أن أسترجع الماضي ، أبحرفيه فقط ، أتذكره ولو لحظة كالحلم ، كالسراب حتى يبدأ الحزن والدمع والألم والحسرة بالتراكم على شعري ويدي ومعطفي كندف الثلج في مرارة الماضي تحتاج إلى واقعة ماضية أليمة أو ذكرى فقد عزيزة أو دفن صاحب قريب تنسال على الخدود مع شحمها .. تكفي الذكرى فقط ، ارجع فقط إلى ذكرياتك صغيرة لينصهر قلبك من الحزن واليأس كالنحاس .. الذكريات توابيت العذارى البريئات تذكر فقط وجه والدك وعيون جدتك في طفولتك ، تذكر الاختباء خلف جدك النحيل المرتجف هربا من أبيك عند الخطيئة ، جدك الذي خط الشيب على فوديه نهرين من ضياء قمر قبل أن يدفن وحيدة في مقبرة . تذكرالرجوع من المدرسة راكضة جائعا متعرقة ، وما أن تعبر عتبة البيت حتى تصرخ حنجرتك بالسؤال الأزلي البديهي الذي تنطقه دون وعي: (أين أمي ؟)  

شارك الكتاب مع اصدقائك