كتاب تعريف عالم بأهل السنة والجماعة بقلم سعيد فودة..قد اشتهر عند العلماء أن اسم أهل السنة يندرج فيه أكثر العلماء في مختلف العلوم الدينية والدنيوية وكذلك يندرج فيهم أكثر الملوك والسلاطين ومعهم أكثر دول الإسلام في الشرق والغرب مما لا قدرة لنا على ذكره في هذا المقام وأكثر الملوك في أقاصي البلاد كانوا على طريقة أهل السنة والجماعة إلى زمان نهاية دولة الإسلام بإزالة الخلافة العثمانية ثم صار الأمر بعد ذلك يحتاج تفصيلا خاصا إلى زماننا هذا. وكذلك يندرج فيهم أكثر العوام على مر السنين بحيث إن إحصاءهم وعدهم عدا يعتبر من قبيل المحال.
ومن أعظم من قام بهذا الأمر العظيم على مذهب أهل السنة والجماعة من الدفاع عنه والترويج لمفاهيمه وردا على خصومه هم الأشاعرة والماتريدية.
فالأشاعرة أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري (ت 324 هـ) والماتريدية أتباع أبي منصور الماتريدي (ت 333 هـ).
ويدخل في ذلك من وافقهم وإن لم ينتسب إليهم فيعد منهم حكما.
فهذان الإمامان هما إماما أهل السنة اللذان قعدا القواعد واهتما أبلغ الاهتمام بنصرة طريقتهم والرد على خصومهم والذب عن مواقفهم على مدار التاريخ وهما الإمامان اللذان أسسا مدرستين متوافقتين في الأصول وأكثر الفروع، وإن لم يعرف عن واحد منهما أنه تلاقى مع الآخر بل كانا في بلدين بعيدين عن بعضهما ولكن توافقهما الذي عرفه العلماء من بعد معرفتهم بنتاج هذين الإمامين كان دليلا على صواب نظرهما واتباعهما قواعد الأئمة العظام وسيرهما على الطريق النظري الصحيح. ولذلك ابتعهم أكثر العلماء من بعد، وانتسبوا إليهما عن رضى ومعرفة وعلم بحقيقة آرائهما وما قرراه في كتبهم.
ولم يكن اتباع الأعلام العلماء لهذين الإمامين تقليدا ولا محاباة ولا مواطأة لهما لمجرد المحبة ولا بأثر من عوامل سياسية محضة، كما يحلو لكثير من المغرضين والمخالفين والعلمانيين والملحدين في هذا الزمان أن يزعموا حرصا على تنفير الناس.