كتاب درر وعطور من حكمة العصور الجزء 12

تأليف : علاء الحلبي

النوعية : الفلسفة والمنطق

كتاب درر وعطور من حكمة العصور - الجزء الثاني عشر من سلسلة من نحن بقلم علاء الحلبي .. من خلال سلسلة الأجزاء السابعة من هذه المجموعة (من نحن) بدا أمام المؤلف كائن بشري يختلف تماماً عن ذلك الذي يوصفه العلم الرسمي أو الأيديولوجيات العصرية المختلفة أو حتى الأديان الرسمية بعد سوء تفسير التعاليم الأصيلة. فقد توصل المؤلف إلى تعريف جديد تماماً للإنسان، وبالتالي لا بد أنه قد تكونت لديه نظرة مختلفة وكوّن صورة جديدة، يرى بأنها صورة غنية ورائعة لهذا الكائن العظيم، بناء على هذا التعريف الجديد للإنسان كان لا بد له من صياغة فلسفة جديدة في هذا الجزء الثاني عشر من هذه السلسلة تناسب طريقته الجديدة في النظر والتفكير، فهو كما يرى أمام كائن جبار لا حدود لقدراته وإمكانياته. فرغم كل ما يبدو عليه من سمات ومظاهر دنيوية وضيعة؛ إلا أنه في جوهره يمثل كائن مجيد منبعث عبر أبعاد متعددة منطلقاً من جذور الهية جليلة وخالدة، رغم حالته الوضيعة والدنيئة يرى أن أصوله سامية ونبيلة، تنبثق كينونته الدنيوية الفانية من نبع خالد يتجاوز الزمن، فتتجلى بهيئة مؤقتة، ثم يعود إلى تبعها الأساسي لتتجلى مرة أخرى بهيئة أخرى ووفق صيغة أخرى، ثم تعود ثانية إلى موطنها فتحضر نفسها للتجلي مرة أخرى. وهكذا، وذلك تحقيقاً لحكمة إلهية لها غاياتها ومآربها وأسبابها المنطقية الخاصة، وعليه، ومن هذا المنطلق، يتعرف القارئ ومن خلال قراءة هذا الكتاب، بالإضافة إلى كتب سلسلة (من نحن) يتعرف على كل تلك الحقائق المذهلة بخصوص الكائن البشري ومدى عظمته وطبيعته متعددة الأبعاد. لقد صاغ الحكماء القدامى هكذا نوع من الفلسفة التي تتوافق مع الحالة الحقيقية للكائن البشري، وهي الحالة الأبدية الخالدة؛ وليس الحالة الدنيوية المؤقتة. لقد نجح القدماء في تكوين صورة واضحة وشاملة عن الإنسان وإمكانياته، وهذا الذي جعلهم يصيغون تلك الفلسفة أصلاً، لقد تمكنوا من صياغة حياة تتناسب مع الطبيعة الحقيقية للإنسان وإمكانياته الفعلية، هذه الفلسفة بإسم "حكمة العصور"، ويقول المؤلف بأنه حاول في كتابه هذا كما في كتب وأجزاء مجموعة (من نحن) تقديم تعريف ووصف مختلف تماماً للإنسان بحيث يتوافق مع تلك التعاليم الفلسفية والروحية التي وضعها الحكماء القدامى لكي يتمكن الإنسان العصري من فهم وإستيعاب ماذا كانوا يقصدون من تلك التعاليم. فمع تحول الثقافة البشرية المعاصرة إلى صيغة مختلفة تماماً في التوجه والتفكير وحتى العيش، وتلك الصيغة لها صيغة علمانية مادية، أصبح من الصعف على الإنسان العصري فهم وإستيعاب كل ما كان يقوله أعظم فلاسفة العالم القديم، وراح يبحث عن العيب في تلك التعاليم بحيث قرر تجاهل، وإلغاء معظمها بصفتها "غير منطقية" أو "غير عقلانية" بينما خضع البعض الآخر من تلك هذه التعاليم لعملية تعديل شاملة وجذرية، لتتناسب مع التفكير العصري، كانت مجزرة كبرى بحق المعرفة الإنسانية المتوارثة عبر العصور. لذا ما من أحد اليوم يدرك إمكانياته الحقيقية وطبيعته الإستثنائية ككائن بشري، وبالتالي وافق على تلك المجزرة الثقافية المريعة وحتى أنه احتفل لحصولها بصفتها خرافات وخزعبلات تستحق هذا المصير: لكن وبعد الإطلاع على تعريف جديد ومختلف للإنسان، كان لا بد للمؤلف من صياغة فلسفة جديدة تناسب طريقته الجديدة في نظرته وتفكيره؛ أو العودة تلك الفلسفات القديمة التي استحق بها الإنسان ورماها، مستغنياً عنها. من هنا، وفي سبيل صياغة فلسفة مجدية وصحيحة، كان على المؤلف أولاً توسيع دائرة معرفته لتشمل مواضيع مختلفة سيطلع عليها القارئ من خلال هذا الكتاب الذي حفل بمواضيع معرفية رائعة. فمثلاً، وكما يذكر المؤلف، معظمنا لم يفطن يوماً بإمكانية وجود حياتين مختلفتين لكل فرد: حياة كونية وحياة دنيوية أرضية، فالمفرد يهتم فقط بالحياة الدنيوية، بينما الحياة الكونية لا يوليها أي إعتبار رغم أنها الأهم بالنسبة لوجوده... وهذه دعوة للقارئ للتعرف على المزيد والمزيد من خلال تبحره وإبحاره في عباب مواضيع هذا الكتاب. مهما كانت واثقاً من معلوماتك، إذ تكون قد ارتقيت إلى أعلى المراتب المعرفية والعلمية، فسوف تبقى جاهلاً بخصوص الحقيقة النهائية، حتى أنك جاهل أصلاً بخصوص طبيعتك الحقيقية. أنت بحاجة إلى نوع خاص من المعرفة، معرفة تتناسب مع طبيعتك الحقيقية ككائن خارق متعدد الأبعاد، بالتالي فهذه المعرفة التي تحتاجها عليها أن تكون مختلفة تماماً عن ما تألفه من معارف متوفرة. هذا النوع الخاص من المعرفة هو الذي أشاروا إليه بالحكمة، وهذه ليست حكمة عادية بل حكمة العصور، هي ليست مجموعة تعاليم وتشريعات ونصوص جامدة بحيث عليك حفظها عن ظهر قلب أو محاولة تطبيقها بشكل أعمى دون فهم معانيها وغاياتها الحقيقية، بل هي بكل بساطة منهج فلسفي يحفّز الفرد على التوصل تلقائياً إلى حالة يقين نهائية بحقيقة الأمور؛ لكن الأهم من هذا كله، هذا المنهج الفلسفي يتوافق كلياً مع الطبيعة الحقيقية للإنسان. لقد صاغ الحكماء القدامى هكذا نوع من الفلسفة التي تتوافق مع الحالة الحقيقية للكائن البشري وهي الحالة الأبدية الخالدة وليس الحالة الدنيوية المؤقتة، ويبدو أن السبب الرئيسي الذي جعلنا ننبذ تلك الفلسفة ليس لأنها بعيدة عن الواقع بل لأننا بعيدون جداً عن التعريف الحقيقي للإنسان. لقد نجح القدماء في تكوين صورة واضحة وشاملة عن الإنسان وإمكانياته والغاية من وجوده، وهذا الذي جعلهم يصيغون تلك الفلسفة أصلاً، لقد تمكنوا من صياغة طريقة حياة تتناسب مع تلك الحقائق الرائعة التي توصلوا إليها بخصوص الإنسان، هذه هي الفلسفة التي يشير إليها العارفون بإسم "حكمة العصور".

شارك الكتاب مع اصدقائك