كتاب عائشة التيمورية خنساء العصر بقلم أحمد علي سليمان عبد الرحيم .. (عائشة التيمورية أو خنساء العصر ، هي واحدة من أديبات مصر المؤمنات الصامدات الداعيات إلى التوحيد والعقيدة والحشمة والحجاب والوقار! ولها الشرفُ أنها تفردتْ بأوليات ، وكأني بها تقول لنا: من له مثلُ أولياتي. فهي أول متعلمة وشاعرة وكاتبة وأديبة عربية في العصر الحديث. ولدت في عهد محمد على باشا ، ونادت بحقوق المرأة على منهج الإسلام لا منهج كوتاريللي ودانلوب! وفتحت الباب لتعليم النساء. حفظت القرآن كاملاً وتعلمت ثلاث لغاتٍ قبل بدء التعليم النظامى (العربية والفارسية والتركية! فمن عائشة التيمورية (1840-1902)؟! إنها عائشة (عصمت) بنت إسماعيل باشا بن محمد كاشف تيمور ، وهي شاعرة مصرية ، ولدت في أحد قصور «درب سعادة» ، وهو أحد أحياء الدرب الأحمر ، حين كانت تلك المنطقة مقرًا للطبقة الأرستقراطية ولعائلاتها العريقة ، وهي ابنة إسماعيل باشا تيمور رئيس القلم الإفرنجي للديوان الخديوي في عهد الخديوي إسماعيل (يَعْدل منصب وزير الخارجية حاليًا) ، ثم أصبح رئيسًا عامًا للديوان الخديوي ، كان اسم والدتها هو ماهتاب هانم ، كانت شركسية تنتمي للطبقة الأرستقراطية ، وهي أخت الِعالم الأديب أحمد تيمور ، ولكن من أم أخرى هي مهريار هانم شركسية الأصل أيضًا ، وعمة الكاتب المسرحي محمد تيمور ، والكاتب القصصي محمود تيمور! وكأن عائلتها شملت الأدباء العماليق! نشأت عائشة في بيت علم وسياسة ، فأبوها رجل له مكانته السياسية ورجل مثقف له شغف بمطالعة كتب الأدب ، وكانت عائشة تميل إلى المطالعة ، إلا أن أمها كانت تعارض هذا وأصرت على أن تتعلم عائشة ما تتعلمه الفتيات ، إلا أن عائشة استمرت في المطالعة ، فتفهم أبوها طبعها ، فأحضر لها أستاذين أحدهما لتعليم اللغة الفارسية والآخر للعلوم العربية ، وعلى هذا فعائشة نشأت في أسرة تركية غنية ، وتعلمت القراءة والكتابة في القصر على طريقة بنات الأكابر ، فتنبهت في نفسها الرغبة في المطالعة والإشراف على مجالس العلم في القصر ، فأخذت النحو والعروض عن فاطمة الأزهرية وستيتة الطبلاوية ، وأخذت الصرف والفارسية على علي خليل رجائي ، وأخذت القرآن والخط والفقه على إبراهيم تونسي ، وحفظت عشرات الدواوين ، وطالعت كتب الأدب حتى صارت تنظم الشعر بالعربية والفارسية والتركية ولها دواوين فيها جميعًا. ومن شعرها في الحجاب: بيد العفاف أَصـــون عـــز حجابي وِبِعِصمَتي أَسمـــو عَلى أَترابـــــي وَبِفِكــــــرَة وَقــــــادَة وَقَريحــــــة نَقـــــادَة قَد كَمَلَـــــت آدابـــــــــــي وَلَقَد نَظَمت الشِعرَ شيمَــــة مَعشَر قَبلى ذَوات الخُــدر وَالاأحســـــاب ما قُلتُه إلا فكاهـــــــــة ناطِــــــــق يَهوى بَلاغَـــــة مَنطِق وَكِتــــــاب وشعرها متنوع بين المجاملة والغزل والمواعظ والأخلاقية والدينية والابتهالات ، وأصدققصائدها في الرثاء تأثيراً خصوصاً إذا علمنا أن القائل امرأة ، وأصدق تعبيراً ، هي قصيدة ترثي ابنتها (توحيدة) تقول في مطلعها:- إن سال من غرب العيون بحــــــــــور فالدهــــر باغ ، والزمـــان غـــــدور فلكل عين حق مــــــــــــــدرار الدمـــا ولكل قلـــــــب لوعـــــــــة وثبــــــور ستر السنا وتحجبت شمـــس الضحى وتغيبت بعد الشــــــروق بـــــــــــــدور ومضى الذي أهوى وجرّعني الأســى وغدت بقلبي جذوة وسعيـــــــــــــــــــر يا ليته لما نوى عهـــــــد النـــــــــوى وافى العيــــــــــــــــون من الظلام نذير ناهيك ما فعلت بماء حشاشتــــــــــــي نار لها بين الضلــــــوع زفيـــــــــــــــر إلى أن قالت – رحمها الله تعالى وغفر لها - في خاتمتها:- بنتاه يا كبــــــــدي ولوعـــــة مهجتي قد زال صفـــــــو شأنه التكديـــــــــــــر لا توصي ثكلى قد أذاب فؤادهــــــــــا حزن عليك وحسرة وزفيــــــــــــــــــــر أبكيك حتى نلتقي في جنــــــــــــــــــة برياض الخلد زينتها الحــــــــــــــــــور إن قيل (عائشة) أقـــــــــــول لقد فنى عيشي وصبري ، والإله خبيــــــــــــــر ولهي على (توحيـــــدة) الحسن التي قد غاب بـــــــــــــــدر جمالها المستور قلبي وجفني واللســـــــــــان وخالقي راض وباك شاكر وغفــــــــــــــــــــور متعت بالرضــــــــوان في خلد الرضا ما ازينت لك غرفة وقصــــــــــــــــــور وأما عن وفاة عائشة التيمورية ، فلقد توفيت عائشة التيمورية في الثاني من مايو سنة 1320هـ= 1902م ، ولها من الكتب مرآة التأمل في الأمور، ونتائج الأحوال في الأقوال والأفعال في الأدب ، وحلية الطراز وهو ديوان شعرها العربي ، وكشوفة وهو ديوان شعرها التركي).هـ. ولفرط إعجابي بقصيدتها في رثاء ابنتها (توحيدة) ، جعلتُ قصيدتي في تأبينها على ذات بحرها وقافيتها ، رحم الله عائشة التيمورية ، خنساء العصر ، وتجاوز عن سيئاتها! وأسكنها وابنتها توحيدة فسيح جناته!)