كتاب غواية الاسم؛ سيرة القهوة وخطاب التحريم بقلم سعيد السريحي ....في عمله هذا يحاول الناقد "سعيد السريحي" أن يخرج التاريخ من تاريخيته على نحو لا يصبح تدويناً للوقائع وتوثيقاُ للأحداث بقدر ما يكون تاريخاً إنسانياً مشرباً يتحولات القهوة من خلال التجربة الإنسانية التي تمخضت عنها ابتداءً من تسميتها وانتهاءً بأحكام التحريم والتحليل التي شكلت
مصطرعاً لفقهاء العصر الذي تم التعرف عليها فيه، مروراً بما بالأفق الذي ارتقت إليه في بيئته العامة والدهماء آنذاك وما ابتذلوها فيه من مزج لها بالمكسرات على نحو جعل المحافظين في ذلك العصر يتحدثون عن أنه لا يجلس في مجالس القهوة إلا أرذال الناس.يعتمد مؤلف الكتاب على تركيبة من المناهج تجمع بين التأويل وتفكيك الخطاب كاشفاً من خلال ذلك عما استبطنته تسمية القهوة من توق لمسماها القديم حين كانت القهوة تطلق على الخمر وهو الأمر الذي قاد الشعر الذي دار حولها إلى الحقل الدلالي لمعجم الخمريات في الوقت الذي أغرت فيه تلك التسمية فقهاء العصر بتحريم شربها وحد شاربها حد الخمر.وللولوج إلى عالم القهوة وأسرارها قسم العمل إلى خمسة فصول: يتناول (الفصل الأول) ما دار من روايات حول اكتشاف نبتة البن، والبلدان التي تم اكتشافها فيها، والروايات التي تجاوزت حدود الوقائع التاريخية لتسبغ على إكتشاف القهوة مسحة من الخيال... أما (الفصل الثاني) فيتطرق لتجليات القهوة، بدءاً من تلبس اسمها باسم من اسماء الخمر، وانتهاءً بما وصل به المتصوفة حبكها من قصص الكرامات التي يحظى بها العارفون بقدرها والمتعاطفون لها، والعواقب التي تنزل بمن يذمها... ويتعرض (الفصل الثالث) للقهوة حين شاع شربها بين العامة من الناس في القرن العاشر الهجري، وما شاع من خلطها بالمكسرات وأن البيوت التي أقيمت لشربها أصبحت مواقع للهو ولعب الشطرنج والغناء والرقص واجتماع الرجال والنساء.. ويتوقف (الفصل الرابع) عندما انتهى إليه أمر القهوة من التحريم لما ارتبطت به فب تصور من حرموها بالخمر... أما (الفصل الخامس) والأخير فيأتي على تفسير ما بقي مخبوءاً من تاريخ القهوة فيما يحيط بها من تناقضات تبدأ بتنزيلها منزلة جليلة في المجالس... وتنتهي إلى ما كان يشوب المقاهي التي خلت منها، رغم أنها تحمل اسمها، من عيب يحمل تجنب الجلوس فيها.وفي الختام اعتبر المؤلف أن هدفه من هذا البحث "أمر يتصل بما لمسته من تقاطع لأنساق ثقافية ودينية واجتماعية وتاريخية جعلت من القهوة مصطرعاً لسلم من القيم والعادات التي تحكم مسار الحياة اليومية ويحرص عليها الناس، دون أن يكونوا على وعي تام بالظروف والملابسات التي تكمن وراء القيم والعادات..".