رواية أبي وأبي

تأليف : محمد تيسير الحموي

النوعية : روايات

رواية أبي وأبي بقلم محمد تيسير الحموي ....هل تشعر بالغربة؟أنا أيضا يا صديقي.. أشعر بالغربة..أشعر كما لو كانت إنسانيتي زهرة يتيمة في صحراء.أشعر أن الاغتراب قد صار سمة ملازمة لأسمائنا ووجوهنا وما نحمل في أنفسنا..صار الطفل ينبت في رحم الاغتراب.. غربة أرض.. غربة نفس.. وغربة منشأ.. غربة بيت.. غربة أهل.. وغربة جيران.. غربة

 دين.. وغربة معتقدات.. غربة لون.. غربة عرق.. غربة فكر.. وغربة عادات.. حتى الرغبة الجنسية _بمفهومها الفطري_ صارت تحتاج لإعادة تعريف بسيط ومباشر وسط طبقات الاغتراب السائل التي مزجت الحدود وأنتجت وعاء كبيرا من الرغبات الممسوحة التي تعيش بلا هوية.. وبلا جرأة على إعادة استنتاج الهوية.في هذا العصر الرمادي.. كل شيء بات بحاجة لإعادة تعريف.. وطريقة ما للاسترجاع.. نعم.. أعلم أن موضوع الرواية قد يبدو صادما في البداية.. فمجتمعنا مازال يعاني من حالة الإنكار.. مازال يغطي عينيه ويتصنع الحياة وسط العماء.. مازال يرفض التعاطي مع الأمور ومواجهتها بشجاعة.. ومازال ينكر أن ما نشهده اليوم هو مدّ طاغٍ سيغطي كل شيء بصقيع غوغائي إن لم نتكلم عنه بصدق ونصف الواقع دون خوف أو تراجع.للأسف أحداث تلك الرواية لها أصول وجذور أولية على أرض الواقع.. صعقتُ عندما سمعتها صدفة من أحد الأصدقاء.. جلست وحدي تلك الليلة.. وقد انتابني ضيق لا يمكن وصفه واغتراب كوني مخيف حد الصقيع..وجدتني أكتب عن ذلك الطفل.. وكأنه قد انتزع مني.. وكأنه زهرة برية تم بترها من ترابها وزرعها في وعاء ملون بتراب اصطناعي لتزين نافذة لا تنبت بجانبها الزهور.ألسنا جميعا نخوض تلك التجربة بشكل أو بآخر؟!ألسنا غرباء.. نحتاج وبشكل عاجل لإعادة تعريف وفرز كل شيء.. وقد نحتاج في نهاية المطاف لإعادة ضبط كلية إلى الحالة الصفرية الأولى! .. الرواية هي الاغتراب.. بأقصى أشكاله تطاولا وشراسة.. هي ذلك الصقيع الأزرق.. المختبئ تحت دثار ملون من التحضر البلاستيكي لمدن "الإنسان الجديد"..وهي السعي الإنساني الصادق لإعادة اكتشاف الذات وسط طبقات التورية والطمس الممنهج التي تعانيها مفردات الانتماء الإنساني الطبيعي...

شارك الكتاب مع اصدقائك