هنالك قحط وشحّ لجود السماء. هنالك عبث وانتظار لما سوف لن يأتي، وهنالك ما يدعو إلى التحليق في ما وراء الحدث، إلى اللغة واللون والأحلام. ستنبت شجرة كينا في باحة الدار، في المكان الذي سقطت فيه المغسلة التي كان عبد الرحمن يحملها أثناء عزاء أخيه، عندما كان طالباً في كلية الزراعة.
ومن بين شقوق البلاط كانت تكفي بذرة ضالّة وبعض التراب والرطوبة لكي تكون مشروع شجرة كينا تزاحم الفراغ وتجاور الغرف، لتكون عشّاً للطيور ومحطّة للغربان الشاردة، وظلاً يمتدّ إلى داخل الغرف نفسها. وعندما تمّ تسريح عبد الرحمن من الجيش كانت الشجرة غضّة، فقرّر قطعها بضربة من بوز حذائه، لكنه أجّل الأمر حتى أصبحت الشجرة كبيرة وقويّة وتحتاج إلى جهد وأدوات كي يقتلعها. ولمّا أصبحت الشجرة أمراً واقعاً قرّر عبد الرحمن إنشاء دفيئة فيها نباتات كثيرة في باحة البيت الكبيرة لكي تحيط بالشجرة المركزية. ولذلك يشتري شاحنة صغيرة لنقل المعدات والبيت البلاستيكي والنباتات اللازمة، مستغلاً كونه مهندساً زراعياً، دون أن يُغفل الجانب التجاري للمشروع الذي لن يكتمل كما تقول احداث الرواية.